صحيح حصلت إزاي؟ أستاذ جامعة لا يعمل في البزنس، بل مصدر دخله مقصور علي
راتبه ومكافآت الراتب ولوازمه، مستورة وماشية، ثم يلتحق بمركز معلومات
مجلس الوزراء فزاد الراتب قليلاً واتسع الدخل نسبيا، لكنه في الحدود
المعقولة الطبيعية، ثم لسبب - مازال البعض يدعي أنه لا يعرفه - خرج
مغضوبًا عليه من المركز وعاد مكتفيًا بوظيفة المدرس وراتبها، لكن كتب الله
علينا الابتلاء والمصيبة السياسية والاقتصادية وتولي عاطف عبيد رئاسة
الوزراء فجاء بهذا الأستاذ المغضوب عليه والمبعد عن مركز معلومات مجلس
الوزراء ليصبح وزيرًا في مجلس الوزراء، وبعد زمن ليس قصيرًا صار هو نفسه
رئيس الوزراء!
هذه باختصار حكاية صعود دكتور أحمد نظيف كما شرحها
كاتبنا الكبير عادل حمودة وهو يسأل عن سر ثروة وممتلكات وعقارات رئيس
الوزراء الذي كان دخل الأستاذ الجامعي - حسب وصف أستاذنا عادل حمودة في
جريدة الفجر - يكفيه بالكاد هو وأسرته الصغيرة المكونة من زوجة وولدين..
وكان كل حلمه هو الحصول علي كابينة في شاطئ الإسكندرية ولم يكن خياله يسمح
له بالتفكير في امتلاك شاليه في الساحل الشمالي، إذا به بعد توليه رئاسة
الوزراء لا يقتصر حلمه الذي تحقق علي كابينة علي شاطئ في الإسكندرية..
(هناك ما هو أغلي منها.. وأكثر قيمة.. شقة في سان ستيفانو.. مجاورة لفندق
الفورسيزونز.. لا يقل ثمنها عن مليون دولار.. أكثر من خمسة ملايين جنيه.)
ويحكي كاتبنا الكبير مواصلاً (يوم حلف اليمين بعد تشكيل حكومته عاد
الدكتور إلي بيته المستأجر في تجمع سكني يسمي جاردينيا.. وأسعد الناس أن
من يجلس علي قمة الحكومة مثل من ينام في قاع المجتمع.. يسكن بالإيجار..
ولكن حالة المساواة مع الناس سرعان ما تبخرت.. فقد انتقل من جاردينيا
بالإيجار إلي النخيل بالتملك.. ثلاثة قصور.. يسميها فيَّلات.. باسم زوجته
وولديه.. بجانب مبان للحرس والخدم والسيارات..)
لم يفعل الأستاذ
عادل حمودة سوي أن طالب رئيس الوزراء بأن يقول لنا حقيقة هذه الثروة ومن
أين امتلك هذه الفيلات والقصور في هذا المدي الزمني القصير وفي هذا المنصب
الطويل؟!
لكن رئيس الوزراء لا يرد، ولا أحد غضبان أو منزعج من أنه
لا يرد علي هذه المعلومات التي دفعت هذا الصحفي الكبير إلي نشر نسخة عقد
أحد القصور (الفيلا) موثقًا وكاملاً حتي ينطق السيد رئيس مجلس الوزراء
ويرد عليه، فلا هو رجل أعمال مثل بقية رجال الوزارة الذين تصل ثرواتهم إلي
مليارات الجنيهات، ولا هو صاحب شركات ومصانع زعم انفصاله عن إدارتها بعد
توليه الوزراة كما يدعي مليارديرات حكم مصر من وزراء حكومة نظيف، ولا هو
وارث عن عائلة موغلة في الثروة والعراقة المالية، لا شيء من هذا يتمتع به
السيد نظيف، فلماذا لا يقدم تجربته الرائعة في الكفاح نموذجًا للشباب وكيف
استطاع أن يملك قصورًا بالملايين وشقة لوحدها بقيمة خمسة ملايين جنيه في
ظرف ثلاث أو أربع سنوات؟!.
هذا نموذج يجب أن يتم تدريسه ويستحق أن
يؤلف عنه السيد نظيف كتابا بعنوان (كيف تملك أربعة قصور ويمكن أكتر.. في
أربع سنوات ويمكن أقل)، وربما شهد العالم تجارب صعود مالي في هذا الزمن
القياسي وربما امتلك أحدهم شيئًا كهذا في وقت كهذا، لكن أن يكون وزيرًا
ورئيس وزراء فذلك ما يجعل الأمر صعبًا وعصيًّا علي التقبل وغريبًا علي
التصديق ومثيرًا للتعجب (والإعجاب) ودافعًا للأسئلة المشروعة التي لا تحمل
تشكيكًا ولا تلميحًا ولا اتهامًا من أي نوع، لكنها أسئلة إجبارية لابد من
الإجابة عنها طالما أن السائل يسأل مسئولا في حكومة وعن بلد، لكن دكتور
نظيف لا يجيب حيث يعتبرها أسئلة سخيفة، فلقد تركنا زملاءه الوزراء «اللي
عندهم قصور في أوروبا وأمريكا» وجئنا علي محدود الدخل اللي يدوب قصوره في
6أكتوبر!!