عقلية المطرقة ....ليهويدي

حينما بثت محطة «سى.إن.إن» خبرا عاجلا على شاشاتها أعلنت فيه أنه تم إلقاء القبض على ستة أشخاص من المتظاهرين فى إيران، كان تعليقى أن ذلك خبر عادى عندنا، لم يعد يستحق تنويها فضلا عن أنه لم يعد يثير دهشة أحد، لأنه أصبح حدثا شبه يومى فى مصر.

وحين قرأت فى صباح اليوم التالى أن المعتقلين الستة استجوبوا وتم إطلاق سراحهم بعد ساعات، قلت إن ذلك ليس اعتقالا، ولكنه بمعاييرنا «خطفة رجل» إلى المخفر، يمكن أن نسميها «استراحة مشاغب» على وزن استراحة المحارب. ذلك أن الساعات التى أمضوها هناك لا تختلف كثيرا عن المدة التى يقضيها الواحد منا مصلوبا عند إشارة المرور، حين يقطع الطريق وتسد المنافذ بسبب قدوم الموكب السلطانى، أو استقبال أحد كبار الضيوف.

أدرى أن قضاء أى عدد من الساعات فى أى مخفر ليس أمرا مبهجا. ولا يستطيع الإيرانيون أن يتباهوا أمامنا بأن المحتجزين عندهم يقضون عدة ساعات بينما هم عندنا يمضون عدة أشهر وسنوات، لكنهم يخرجون بعد ساعات فى حالة واحدة هى إذا لم يحتمل المرء التعذيب وفاضت روحه بعد أول «وجبة» منه. لكن يبدو أن ذلك بات قدرنا فى بلدان العالم الثالث. أن نذهب جميعا إلى المخفر، منا من يقضى فيه عدة ساعات، ومنا من يمكث وراء قضبانه أشهرا أو سنوات.

هذه الفكرة عبر عنها رئيس جمهورية أوروجواى الراحل خوليو سانجوينتى الذى قسم أنظمة العالم الثالث إلى فئتين، الأولى أطلق عليها «ديكتابلاندا» أى الديكتاتوريات الناعمة أو اللينة، والثانية «ديكتادورا»، وقصد بها الديكتاتوريات الشرسة أو الصارمة. وفى رأيه أنهما مختلفتان فى الدرجة وليس فى النوع، والقاسم المشترك بينهما أن هامش الحرية متاح بصورة نسبية فى الديكتابلاندا (اللينة) فى حين أنه ضعيف أو منعدم فى الديكتادورا (الصارمة). إن شئت فقل إن الناس فى الأولى يحتجزون ويخرجون بعد ساعات إلى بيوتهم. وفى الثانية قد يخرجون بعد ساعات أيضا ولكن إلى المشرحة، وإذا كانوا محظوظين فإنهم يخرجون إلى بيوتهم بعد أشهر أو عدة سنوات.

اعتبر سانجوينتى أن النظامين يختلفان فى معاملة المثقفين، فالديكتاتوريات اللينة تطلب من المثقفين أن يكونوا محايدين على الأقل. ويقال لهم إذا لم تكونوا معنا فلا تتحركوا ضدنا. وهؤلاء يسمح لهم بالمعارضة الكلامية ولا مانع من أن يشاركوا فى المسيرات والمظاهرات السلمية دون أن تتعرض حياتهم للخطر، وقد يسمح لهم بالتمتع ببعض الميزات التى توفرها السلطة، سواء لتأليف قلوبهم أو استمالتهم وتخفيف حدة معارضتهم. أما الديكتاتوريات الصارمة فلا يسمح بهذا «الترف». إذ الحكومة لا تقبل بمجرد الحياد، ولا تحتمل معارضة أو تظاهرا. وإنما أن تكون مع النظام أو ضده. وإذا كنت معه فقد سلكت طريق الربح والسلامة، وإذا كنت ضده فأنت ماض على درب الندامة. وإذا خرجت من بيتك إلى معارضة أو مظاهرة فلا تضمن أن تعود إليه أصلا، وإذا عدت فلن تكون سالما.

ما قاله رئيس أوروجواى الراحل صحيح فى تحليل السلوك، لكنى أضيف نقطة تتعلق بمنطق النظامين، إذ يجمع بينهما ما يمكن أن نسميه «عقلية المطرقة»، التى تتعامل مع أى جسم بأن تهوى عليه. قد يكون الطرق خفيفا وقد يكون ثقيلا وشديد الوطأة. وفى كل الحالات فلا سبيل إلى «التفاهم» أو الاحتواء أو غير ذلك من الأساليب التى لا تعرفها المطرقة.

هذه الخلفية ظلت تلح علىّ منذ علمت بنبأ اعتقال الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وثلاثة من رفاقه فجر يوم السبت 27/6 الحالى، حيث لم تبارح مخيلتى صورة «المطرقة» طول الوقت، متوقعا أن تهوى فوق كل رأس فى أى وقت.

المقالة حلوة تسلم ايدك يا اوس

تسلم إيدك يا أس
انا بقيت شايف ان مصر فى طريقها لاختراع مفهوم اكبر من الدكتاتورية
إيه هو .. لسا ماوصلتلوش
لكن أوعدك و أوعد كل الأسرة الكريمة انى لما اوصل له (لو فضلت حى) ان شاء الله
هبقى اقولهولكم
و اتفضل الوش اللى ملازمنى اهو tears

ههههههههههههه

اعتقد ان احنى ماشيين في الموضوع وعدينا الاحدود فيه
يعني مش ديكتاتورية وكلام من ده ده لعب عيال
لا لسه التقيل جاي
وعاش حسني مبارك وعاشت الذل لهذه الامة
تسم ابو صلاح على الرد
منورين

موضوع اكثر من رائع لا اتوقع اقل منه من رجل بقامة الاستاذ فهمى هويدى