سنكون جميعًا مشغولين تمامًا يوم القيامة عن متابعة الأسئلة التي سيوجهها المولي عز وجل إلي الرئيس مبارك، لكنني من الآن أقول لكم مؤكدا إن الله سوف يسأل عبده ابن أمته الرئيس محمد حسني مبارك عن عاطف عبيد وإبراهيم سليمان !
وأتمني أن يجهز الرئيس مبارك هذه الأيام أجوبته ويذاكرها قبل أن تأتي لحظة الامتحان فلا يعرف سيأخذ كتابه بيمينه أم بشماله ربنا ما يقدر!
واضح قطعًا أنني فقدت الأمل كلية في قدرتنا علي أن نسأل الرئيس مبارك في الحياة الدنيا أو أن تتم أي مساءلة (لا أقول محاسبة ) في وقتنا الحالي، وأرمي حمولي كلها علي الله وأؤجل حكاية حساب الرئيس للحظة نقف فيها جميعا أمام رب كريم في يوم الحشر !
لا نعرف في مصر مساءلة الرئيس في حياتنا وفي حياته، كما أننا يوم القيامة لن نركز إطلاقا علي مبارك أو غيره فسوف يفر المرء من أبيه وصاحبته وبنيه، فلا مبارك سوف يعير شعبه أي اهتمام، وستكون آخر اهتمامات مواطني شعبه يومها أن يسأل هو حصل إيه مع الرئيس مبارك ؟ لكنني أظن أن مساءلة الدنيا سوف تخفف كثيرا من وقع ودفع مساءلة الآخرة، وأعرف أن الدكتور سيد طنطاوي- شيخ الأزهر- والدكتور علي جمعة- مفتي الديار- يحفظان «صَمًّا» من صحيح البخاري أحاديث تحض علي طاعة الأمير والانصياع لولاة الأمور، لكنني أرجو أن يكون مركز الذاكرة في عقل الشيخين محتفظا بنصوص أحاديث في البخاري أيضا تنذر الحاكم والأمير بحساب عسير وعذاب شديد يوم القيامة إن ظلم أو طغي أو أفسد أو أهمل، ومع ذلك يبدو أننا لا نريد التخفيف عن الرئيس مبارك في آخرته بأن نحاسبه في دنياه، فمصر من الدول الرائعة لأي رئيس في العالم، فنحن شعب لقطة ولقية يتمني أي حاكم أن يحكمنا وهو ضامن أنه سيسوق المصريين بحبل حكمته وسوف نؤلهه بحبل عبوديتنا!
لا يوجد في الدستور المصري مادة واحدة توحد الله لا توحد الرئيس، فلا وجود لأي سطر ينص علي مساءلة الرئيس أو محاسبته، فهو رئيس دستوري فوق الحساب والعتاب، بل فوق السؤال والمساءلة!
دلني علي مادة واحدة تقول إن من حق الشعب أن يسأل مبارك: كيف اخترت فعينت إبراهيم سليمان- وزير الإسكان السابق- رئيسا لشركة حكومية يدفع فلوسها ويتحمل ميزانيتها الشعب المصري ويتلقي منها سليمان راتبا مليوناً ومائتي ألف جنيه من لحم مصر الحي، بينما تلاحق الرجل اتهامات سياسية مقذعة إن لم تجرمه حتي الآن فهي توصمه سياسيا وأدبيا بتهم تسحب منه أي مصداقية، فضلا عن أنه نائب الدويقة الذي لم يره مواطن منها أثناء كارثة انهيار الصخور فوق بيوتهم وأطفالهم؟!. وبينما الرأي العام كله لا يحب إبراهيم سليمان ولا يملك الرجل ذرة من شعبية ومحبة لدي الناس إذا بالرئيس يمنحه وسامًا جمهوريا يجعلنا نسأل: بأي قواعد يمنح الرئيس باسم مصر الأوسمة ؟ ثم يعينه الرئيس رئيسا لشركة وكأنه يكافئه علي شيء لا نعرفه وأمر لا نفهمه ودور لا ندركه!
دونا عن أي أحد آخر تخير الرئيس هذا الرجل ليضع وساما علي صدره ثم مليونا في جيبه كل شهر ولا واحد فيك يا مصر جرؤ أن يسأل الرئيس: ليه ؟ ما الحكمة في هذا التعيين والتكريم ؟ ما طبيعة هذه المكافأة التي تمنحها لرجل أجمع الرأي العام السياسي والشعبي علي رفض سياسته والهجوم علي أدائه واتهامه بحشد كامل من المخالفات والانتهاكات؟
أليس في هذا الاختيار استخفاف من الرئيس والرئاسة بالرأي العام وعدم مبالاة بمشاعره أو مواقفه؟!
لم يسأل (ولم يسائل طبعا ) أحد الرئيس مبارك عن إبراهيم سليمان كما لم يسأله من قبل عن عاطف عبيد، ولا الرئيس فكر أن يجيب، فالرئيس يفعل ما يريد بمن يريد.. ولا نملك سوي انتظار يوم القيامة كي يسأله ربنا - جل في علاه-.. وأمانة اللي يسمع الرئيس رد وقال إيه ساعتها يبقي يقول لأي حد جنبه!